مأساة الانفاق- عامل أبعد من الضفة وقتل في يومه الاول للعمل داخل النفق

مأساة الانفاق- عامل أبعد من الضفة وقتل في يومه الاول للعمل داخل النفق


ما تزال مأساة الانفاق متواصلة في قطاع غزة، ولا يزال ضحايا جدد يسقطون جراء الحوادث المتكررة في تلك الانفاق، وكانت رفح فجر اليوم على موعد جديد مع حادثة أخرى حصدت في حصيلتها الاولية قتيلا وفقد خمسة من العمال الذين تواجدوا داخل نفق انهار على رؤسهم وهم يعملون لكسب قوت اطفالهم أسفل الحدود بين قطاع غزة ومصر.

وأفاد مراسلنا في القطاع أن الضحية الجديدة للانفاق هو الشاب أيمن جمال أبو سمك ( 24 عاما)، فيما لا يزال البحث جار عن خمسة مفقودين آخرين في النفق المنهار إسفل الشريط الحدودي بمنطقة القصاص في محافظة رفح جنوب قطاع غزة.

وأوضح د. معاوية حسنين رئيس اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ لـ "معا" أن جثة أبو سمك نقلت إلى مستشفى ابو يوسف النجار في رفح بعد أن تمكنت طواقم الانقاذ من انتشالها من النفق المنهار.

وتأتي حادثة النفق الجديدة بعد يومين على حادثة تسرب الوقود واشتعال النيران في نفق أسفل الحدود بين رفح ومصر، ما أدى إلى مصرع 7 عمال وإصابة 9 حسب آخر حصيلة معلنة من الجهات الطبية في القطاع.

وذكرت تلك المصادر أن جثث الضحايا انتشلت محروقة ومشوهة بسبب النيران التي اندلعت بسبب تسرب البنزين من انبوب داخل نفق مجاور للنفق الذي تواجد بداخله العمل.

وبهذين الحادثين المأساويين يكون عدد ضحايا الانفاق- حسب احصائيات رسمية- ارتفع إلى 110 قتلى ومئات الاصابات منذ بدء الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 3 أعوام، قضى غالبيتهم في انهيارات وتسرب غازات وصعقات كهربائية في تلك الانفاق.

ويستخدم الغزيون الانفاق لتهريب السلع والبضائع والوقود إلى القطاع المحاصر، والذي لا تسمح اسرائيل بدخول كافة المواد إليه وتقنن كميات الوقود، ما يفسح المجال لبروز تجارة ربما كانت على حساب المواطن لصالح مستثمرين يملكون الاموال ويستغلون عوز الشباب والمتعطلين عن العمل بأزهد الاثمان وليكونوا هم ( العمال) الضحايا جراء هذه التجارة المحفوفة بالمخاطر الجسيمة.

ويبرز في اعقاب كل حادثة صوت منظمات حقوق الانسان التي تطالب حركة حماس بصفتها المسيطرة على قطاع غزة من أجل وضع حد لظاهرة التهريب عبر الانفاق وما تحمله من مخاطر على ارواح اناس ابرياء لا ذنب لهم إلا البحث عن لقمة عيشهم وعيش اطفالهم.

أبو سمك ويومه الأول للعمل داخل النفق

أيمن أبو سمك، ربما كان الضحية رقم 110 للانفاق، إن صحت الارقام التي تنشرها المصادر الرسمية في القطاع، اتجه منذ عدة أشهر للعمل في الانفاق سعيا لكسب قوته، لا سيما وأنه يقيم وحيدا في دير البلح بعد أن تم ابعاده من قبل الاحتلال عن بقية أفراد عائلته التي انتقلت من القطاع إلى الضفة الغربية قبل ثماني سنوات.

يقول عم أيمن لـ "معا" إنه عمل طيلة الفترة الماضية على "عين النفق" أي على الفتحة التي تؤدي إلى النفق، وكانت مهمته سحب البضائع، ولكن هذه المهمة لم تكن تعود بمردود مادي مماثل لمن "يخاطر" ويعمل داخل النفق، ولذلك قرر أيمن أن يعمل داخل النفق ليزيد من مردود عمله، وفعلا بدأ بهذا العمل اليوم، وهو اليوم الموعود بالمأساة لهذا النفق، الذي انهار وقتل أيمن تحت رماله وكثبانه الجافة.

أيمن أبو سمك، كان انتقل مع عائلته قبل ثماني سنوات للسكن في الضفة الغربية، وتعرض هناك للاعتقال على ايدي قوات الاحتلال التي ابعدته قبل خمس سنوات إلى القطاع ليقيم مع اعمامه في دير البلح بعيدا عن بقية افراد الاسرة.

وكغيره من الشبان في قطاع غزة، سعى أيمن ليكوِّن نفسه ويعمل، إلا أن البطالة وظروف القطاع الصعبة رمته للعمل في الانفاق الى جانب مئات الشبان الذين رهنوا حياتهم بمغامرة ربما تجلب لهم عيشا "كريما" أو تنتهي بمأساة تتكرر، وهذا كان مصير أيمن وربما- ولا سمح الله- يكون مصير زملائه الذين ما زالوا تحت كثبان النفق المنهار.