الجريح المقعد / رضوان ابوشميس اعاقته اسرائيل واهانته حماس

تعاهد هو وصديقه على أن يواصلا النضال ومقاومة الاحتلال واتفقا على أن يكونا مع بعضهما البعض حتى نيل الشهادة ،لكن الله اختار صديقه اسيرا 16 مؤبد ..

رضوان أبو شميس أحد مناضلي هذا الشعب المعطاء ،قاوم الاحتلال وهو لا يهتم لحياته أو مماته ، وقد كان نصيب رضوان رصاصة في ظهره ،أصابت الفقرة الرابعة فأقعدته بالشلل النصفي ،بعدها نتقم له صديقه عبد الهادي غنيم وقام باضخم عملية بطولية في تاريخ الإنتفاضة الأولى بعمل فردي منه وقتل ستة عشر صهيونيا وجرح ستة وثلاثون كلهم اصابات خطيرة جدا، ثم عاش رضوان بعد اصابته مدة عشرون عاما من حياته في الضفة الغربية بعيدا عن أهله ومحبيه حتى قرر العودة أخيرا إلى قطاع غزة ليكون بجوار أمه المريضة ووالده الذي اشتاق إليه كثيرا ،عاد رضوان مقعد حيث تربى وترعرع ،ومع إصراره وصبره استطاع أن يتحمل قسوة الحياة الجديدة التي فرضت عليه ،فأصبح مديرا لفرع المركز الوطني للتأهيل المجتمعي في المحافظة الوسطى ،ليثبت للجميع أن الرصاصة التي أجبرته على أن يكون مقعد لم تمنعه بصيرته وإصراره على مواصلة وخدمة نفسه وأبناء شعبه.

بكلمات تملؤها الأسى والحزن لما يحدث لغزة الحزينة ،يحدثنا رضوان عن قصته التي اختلفت عن اي قصة يمكن أن يتصورها إنسان.

يقول :"قبل الانقلاب العسكري الذي قامت به حركة حماس على أبناء الشعب بثلاثة أيام ،خرج أخي الأكبر بسيارتي التي امتلكها من شقاء العمر وتعب السنين،وعمل حادث نقل على أثره إلى إحدى المستشفيات ،فصعق الجميع لهذا الخبر المؤلم ،ومن لطف الله انه نجي من هذا الحادث ،ولأنني كنت قلقا على حياته فضلت البقاء عنده ريثما اطمئن عليه ،فطلبت من صديقي الذي يعمل في إحدى الأجهزة الأمنية أن يأخذ السيارة ويضعها كعهدة في المقر الذي يعمل به ريثما اطمئن على صحة أخي وأعود لآخذها ،وحدث الانقلاب الدموي الذي آلمنا ووقعت المقرات في أيدي حركة حماس ،بعد أيام من الانقلاب طلبت من صديقي أن يذهب إلى المقر الذي وضعت به السيارة ويعيدها لي نظرا لأني مقعد لا استطيع التحرك لوحدي وبسهولة وعندما ذهب اخبرهم أن السيارة الموجودة في الموقع ليست عسكرية أو لأحد أفراد الأجهزة الأمنية بل هي لمواطن عادي مقعد وضعت أمانة في المقر ريثما يأتي صاحبها ويأخذها ،فأخذ اثنان من القوة التنفيذية بالتهامس فيما بينهما وهما يقولان لبعضهما البعض "طلعت السيارة لمواطن مقعد ،طيب كيف بدنا انرجعها وإحنا فكفكناها"، وبسرعة تحولا بالحديث لصديقي وهما يقولان له بعد أيام سنعيد السيارة ،فعاد لي صديقي وهو يقول"ما في سيارة ،انسي كل اشي في السيارة انسرق ، مش مخليين اشي إلا ماخذينوا ومطبشينها ما في قطعة على اختها".

تفا جئت كثيرا بهذا التصرف الهمجي من قبلهم إزاء سيارتي التي سرقوها قطعة قطعة ووزعوها فيما بينهم وكأنها غنيمة حرب".

قادة حماس يقولون ولا يفعلون

ويواصل رضوان حديثه عن أصحاب القرار وعن قياديي الحركة الذين يقولون ولا يفعلون ،فأثبتوا أن أقوالهم ليست على قدر أفعالهم لكافة الشعب ،يواصل "بعدما سمعت من صديقي أن سيارتي ذهبت أدراج الرياح ،اتصلت على الفور بعضو المجلس التشريعي الدكتور عبد الرحمن الجمل كون والدي المعلم درسه في يوم من الأيام وكونه يقطن في الحي الذي أعيش فيه ،فباسم الجيرة والعشرة توسمت فيه أن يعيد لي سيارتي وحقي ولاشي غير ذلك ،فقال لي وبالحرف الواحد"ابشر يا خوي يا رضوان وصلت ،إلك عندي سيارة وأحسن من سيارتك المكسرة"،فقلت له بارك الله فيك أريد فقط سيارتي والقطع التي سرقت منها ،بعد ذلك بعث لي جماعة من مكتب الدعوة للمتضررين المدنيين التابع لهم وقال لي احدهم أن عبد الرحمن الجمل أكد عليهم أن يرضوا رضوان ،فأبلغتهم واعدت عليهم ما قلته لعبد الرحمن بأني أريد التعويض عن ما سرق من سيارتي أو إعادتها ، فقط لا غير ذلك ،وهنا بدأت المساومة الحقيرة على شقاء عمري"..!! سألوني كم تحتاج سيارتك للتصليح فقدرت لهم مبلغا يقدر بسبعمائة دينار ،فاتفقوا معي أن يعطوني ثلاثة آلاف وسبعمائة دينار ويأخذوا السيارة _سرقوها وأخذوا قطعها التي تساوي سبعمائة دينار وجاءوا ليعطوني 3300دينار ويأخذوها _فقبلت عرضهم مكرها لأني وبكل صراحة لم أكن أتحمل وجودهم أمامي أو رؤيتهم ،كرهتهم على قدر أفعالهم التي يندى لها الجبين ،وبعد أسبوعين عادوا من جديد وهذه المرة لا ليعطوني المبلغ الذي رضيت به مسبقا وإنما ليقولي لي أنني طلبت منهم شيء كثير ،وعادوا ليتساوموا على السيارة من جديد ،فلم احتمل مماطلتهم لي في حقي ،فقلت لهم "أنا مش فاضي الكوا ، وهذا صاحبي سمكري ، رجعوا سيارتي والقطع اللي سرقتوها وهو بيصلحها "، لكنهم اخبروا صديقي أن يعطوه 2800دينار بالإضافة إلى السيارة المحطمة، وأقنعني صديقي أن آخذ منهم هذا المبلغ قبل أن يتراجعوا ،فوافقت.

لم يتركوا مناضلا من حركة فتح إلا وأهانوه

وبعد فترة قصيرة قامت القوة التنفيذية التابعة لهم بعملية موسعة في المنطقة التي اقطن فيها واعتقلت العشرات من كوادر حركة فتح من بينهم القيادي بسام العناني أمين سر منطقة الشهيد ممدوح صيدم جاءوا لإعتقاله ،وبينما أنا على باب منزلي على كرسي متحرك،وارى ما يفعلونه بمناضلي هذا الشعب ،فتذكرت نفسي أنا وزملائي المناضلين وقت مقاومة الاحتلال كيف كنا نخاف على بعضنا البعض واليوم يساق المناضلون إلى المعتقلات على أيدي أبناء شعبهم محققين بذلك رغبة الأعداء ،فصرخت عليهم بشكل لا إرادي قائلا:"انتوا جايين تعتقلوا جاسوس ولا تاجر مخدرات "،فرد علي احد أفراد القوة التنفيذية "اخرس يا"..."وسكر تمك،وادخل بيتك" ،فلم احتمل هذا الذي لم تولده أمه بعد ،الذي لم يرى ويقاسي ما قسيناه ليأتي اليوم وينعتنا بأبشع الألفاظ فحدثت مشاداة كلامية بيني وبينهم بل وامتدت الأيدي فتدخل الجيران وبعض الشباب وذهب كل واحد إلى بيته ،وتجددت حملة الاعتقالات مرة ثانية فحاصروا المنطقة واعتقلوني أنا وأكثر من عشرون شابا ، فاقتادوني بصورة مهينة ورالقوا بالكرسي المتحرك الذي استخدمه بدلا عن قدماي في الشارع وعند وصولي مركز الإعتقال لديهم رموني على كرسي خشبي فلم احتمل الجلوس عليه وأتى واحد منهم وكان يعرفني ولكي يتدارك ما فعله أفراد التنفيذية معي وقال لي إنني غير مقصود بهذه الحملة وسمح لي العودة إلى منزلي بعد أن ضربت وأهنت وقاسيت ألما نفسيا أكثر مما هو جسديا".

المساومة بدأت من صغارهم وانتهت بقائدهم عضو المجلس التشريعي

رضوان أبو شميس الذي لم ترهبه طائرات الاحتلال أو دباباته ولم يحتمل ما رأى من الأفعال المشينة التي تقترفها ميليشيا حماس بحق مناضلي الشعب قبل أن يكونوا مناضلي حركة فتح وشرفائها ،أسدل الستار على هذه المسرحية الدنيئة والمملة ورحلة الألم والعذاب التي أرغمته فيها ميليشيات حماس على أن يعيشها ويكون احد أبطالها المظلومين وتعطيه ثمن تضحياته وغربته عن أهله وأصدقائه ،يقول"قبل ثلاثة أيام تفا جئت بجيب التنفيذية ومعهم"تراكتور" يحمل سيارتي مع الأغراض والقطع المفككة منها ورموها في الشارع واختفى الجيب بسرعة البرق وكأنهم كانوا يخشون المواجهة مع مقعد بعد أن اثبت لهم ولغيرهم أنني استطيع أن آخذ حقي وأطالب به ولا أتنازل عنهم ،وان أبقى صامدا في وجه من يريدون سرقة حقي وشقاء عمري ،ومن المؤسف أن عضو المجلس التشريعي عبد الرحمن الجمل الذي قال لي من البداية إنني وصلت ووعد بإعادة حقي،ساومني هو الآخر وعرض عرضا جديدا أن آخذ 1000دولار واسكت ،للأسف جميعهم لا يتخيرون عن بعض ،أسلوب المماطلة والضرب والاهانة والكذب واحد لديهم ،أنا لن أنسى لهم ما فعلوه معي وسأظل أطالب بحقي ولن أنسى مارأيته في معتقلاتهم وما واجهه الشباب هناك من تكسير للأيدي والأرجل بأعقاب البنادق ،فلم يسلم منهم الصغير أو حتى الكبير ،الجميع لم يسلم من جبروتهم وطغيانهم ،فحسبي الله ونعم الوكيل ،والحياة علمتني انه لابد أن يأتي للظالم يوما يجازى به على ظلمه.