منتديات الكوفية الفلسطينية
عزيزي آلزآئر
لـَاننآ نعشق آلتميز و آلمميزين يشرفنآ آنضمآمك معنآ في شبكة ومنتديات الكوفية الفلسطينية
نحن ( نهذب ) آلمكآن ، حتى ( نرسم ) آلزمآن !!
||
لكي تستطيع آن تتحفنآ [ بمشآركآتك وموآضيعـك معنآ ].. آثبت توآجدك و كن من آلمميزين..
بالضغط هنا


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الكوفية الفلسطينية
عزيزي آلزآئر
لـَاننآ نعشق آلتميز و آلمميزين يشرفنآ آنضمآمك معنآ في شبكة ومنتديات الكوفية الفلسطينية
نحن ( نهذب ) آلمكآن ، حتى ( نرسم ) آلزمآن !!
||
لكي تستطيع آن تتحفنآ [ بمشآركآتك وموآضيعـك معنآ ].. آثبت توآجدك و كن من آلمميزين..
بالضغط هنا
منتديات الكوفية الفلسطينية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحرب والسلام - الجزء الأول - خطة هنيبعل

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الحرب والسلام - الجزء الأول - خطة هنيبعل Empty الحرب والسلام - الجزء الأول - خطة هنيبعل

مُساهمة من طرف عاشق الكوفية الأربعاء يناير 27, 2010 9:32 pm

مقدمة:

عزيزي القاري تهدف تلك المقالة إلى :

- تسليط الضوء على مواقع وأحداث تاريخية مختارة للإستفادة من عبرها ودروسها.
- سيتم التطرق لسلسلة من الأحداث نستلهم في كل جزء دلالات وعبر محددة.
- في الجزء الحالي روعي تقريب القاريء من الأحداث التاريخية لنقل المعلومة إليه وتسليط الضوء على بعض جوانب الحضارة الكنعانية .
-استلهام الدروس والعبر سيتم جمعه من كل الأجزاء في الجزء الأخير لاحقاً وتسخيره للموضوع الفلسطيني في الحالة الراهنة.

الحرب والسلام – الجزء الأول – خطة هنيبعل



كان لايزال في التاسعة من عمره حين وقف إلى جانب أبيه (هملقار برقة ) داخل المعبد المهيب المنتصب فوق إحدى روابي ما سيعرف فيما بعد بقرطاجة الجديدة . أخذ ينقل ناظريه في أرجاء القاعة الواسعة وينظر برهبة إلى تماثيل الألهة الكنعانية بعل حمو وتعنيت وملكارت وهي تطل عليه من الأعلى وكأنها ترقب حركاته وترصدها . سرى في جسده الغض شعور بالوجل اهتزت له فرائصه ولم تسكن إلا حين ربتت يد قوية على كتفه والتفت حوله برفق ، رفع بصره إلى وجه أبيه فلمح بسمة رقيقة ترتسم على شفتيه ونظره ً حانية تنفذ إلى أعماقه وتهديء من روعه فأطلق زفرة طويلة استرخت على إثرها أطرافه المشدودة وسكنت نفسه واطمئنت .
شاهد الكهنة والكاهنات مصطفين بملابسهم الأخاذة الأرجوانية ووجوههم مخضبة بالحمرة وعيونهم موشاة بالكحل بعضهم يقبض على سيوف يلوح بها وأخرون تنكبوا حرابهم وأخريات حملن الدفوف وألات العزف
كانت موسيقاهم ساحرة وغنائهم شجياً وأسراً ذلك أن شعباً لم يعنى مثل الكنعانيين بالموسيقا والطرب حتى
انتشرت موسيقاهم وأدوات طربهم في كافة الأصقاع وازداد الطلب على مغنياتهم من الجواري والقيان.

بهرته واستولت على كل حواسه و مشاعره تلك المشاهد المؤثرة التي تجسدت أمامه وصورت ملحمة بعث ملكارت حيث انتصبت في كانون الثاني ككل عام محرقة كبيرة رفع عليها تمثال الإله ملكارت ممتطياً حصان البحر وأدى الكهنة حركات تمثيلية صورت قتاله الدامي مع التنين ( تيفون ) ثم مصرعه بكل ما أحدثه من فجيعة وحزن عميق قبل أن تحط طيور الشمس لتبعثه من بين الأموات وتعيده للحياة من جديد.
لم ينس حنابعل أو هنيبعل تلك المشاهد طوال حياته كما أنه بقي وفياً لوعد قطعه في تلك الليلة لأبيه الذي قاده إلى الهيكل وطلب منه أن يقسم بأن لايكون أبداً صديقاً لروما.
مضت قرون طويلة منذ خرجت الملكة أليسا أو عليسة هاربة من صور بعد أن قتل شقيقها بيغماليون زوجها لتحل ضيفة على المستوطنة الفينيقية أوتيقة أو ( عتيقة ) في شمال أفريقيا وتقيم فيما بعد في العام 814 ق . م مدينة قريت حدشت أو ( قريات حديثات ) وتعني المدينة الحديثة التي صارت تسمى عند اليونان قرشدون وعند الرومان كارتاكو ولتعرف فيما بعد بقرطاجة .
لم تبقى قرطاجة مدينة صغيرة مستقلة بل تمددت وتوسعت وازدهرت أعمالها التجارية والبحرية وتوسعت جيوشها فعبر هملقار برقة في العام 236 ق.م البحر بقواته من أفريقيا إلى أوروبا واستكمل احتلال اسبانيا خلال تسع سنين قبل أن يلقى مصرعه ويخلفه زوج ابنته أسد روبال الذي اتخذ من قرطاجة الجديدة مقراً له ليغتال هو أيضاً في العام 220 ق.م وينتخب قادة الجيش بعد موته هنيبعل خلفاً له.
تعرض الإتفاق الذي عقده أسد روبال مع روما لهزة قوية حين عبر القائد القرطاجي الجديد حنابعل أو هنيبعل نهر ساكنتوم الممتد مجراه على بعد سبعين كيلومترا جنوب نهر ايبرو وفي حين ادعت روما أن اتفاقها مع الراحل أسد روبال نص على عدم تجاوز نهر ساكنتوم تمسك حنابعل بأن نهر ايبرو وليس نهر ساكنتوم هو الحد المتفق عليه. وبعد أن استولى حنابعل على صاغنتوم ( إحدى المحميات الرومانية ) الواقعة بين النهرين تأزم الموقف وطالبته روما بالإنسحاب ودفع غرامة مجزية وتسليم نفسه للمحاكمة أمام محكمة رومانية.
لم يرضخ القرطاجيون لمطالب روما وتواردت أنباء عن استعدادات الرومان للهجوم ونيتهم المبيتة لعبور البحر ومهاجمة المدينة الأم قرطاجة .
لم يكن حنابعل قائداً عادياً تتسم تصرفاته وخططه بالرتابة والأنماط الإعتيادية بل كانت تسري في عروقه دماء المغامرين الكنعانيين من أمثال القائد البحار حنون الذي خرج في القرن السادس قبل الميلاد إلى البحر بستين سفينة تحمل ثلاثين ألفاً من السكان ليبحر بهم بمحازاة شواطيء افريقيا الغربية ويؤسس ست مستعمرات فينيقية قبل أن يؤسس أيضاً مستعمرة ( سرني ) أو جزيرة ( هيرن ) حالياً ويواصل رحلته حتى يبلغ الكاميرون.
ومن أمثال البحار القرطاجي هملكون الذي خرج بسفنه متجهاً للشمال ليصل إيرلندا وانكلترة .
بيد أن حنابعل لم يفكر بخوض مغامرة بحرية جديدة بل إختار أن يذهب في مغامرة فريدة لا يمكن أن تعد في ذاك الزمان سوى ضرب من الجنون .. لقد قرر ببساطة أن يجر جيشه بأسلحته وعتاده وخيوله وفيلته لعبور جبال البرنس الفاصلة بين اسبانيا وفرنسا ثم اجتياز جبال الألب الشاهقة والشديدة البرد والوعورة الفاصلة بين فرنسا وإيطاليا متجها ً نحو قلب العدو .. نحو روما .

لقد كان قراره الجريء والعجيب هو نقل المعركة إلى أرض العدو ومهاجمة المركز لا الأطراف ومباغتة العدو بالهجوم . لقد تلخصت خطته في الوصول إلى أطراف نهر البو بسرعة لتثبيت جيوش الرومان داخل أراضيها وإبعاد قرطاجة عن الخطر وتكبيد الرومان تكاليف الحرب وويلاتها الجارية في عقر دارهم.

لقد وضع حنابعل مبدئاً قتالياً أساسياً بالغ الأهمية سيكون على مدى التاريخ ملهماً للساسة والعسكرييين على إختلاف أزمانهم وأوطانهم هو نقل المعركة إلى أرض العدو .

فكيف اقدم حنابعل على جر جيش من قرابة خمسين ألف مقاتل بخيولهم وعتادهم وسلاحهم ومعهم فوق ذلك 37 فيلاً لقطع مسافة تتراوح بين 1300 و1600 كيلومتر و لصعود جبال شاهقة بالغة الوعورة تعلو قممها وسفوحها الثلوج ويخيم عليها مناخ قارس شديد البرودة وتقطنها قبائل همجية شرسة تتربص به .

لطالما أثار قراره هذا جدلاً واسعاً بين النقاد والمؤرخين والمفكرين وعده كثير منهم مغامرة مميتة وكارثة كبدت جيشه خسائر فادحة قبل أن يخوض أية معركة رغم ما أوقعه في الرومان من مباغتة ومفاجئة ولطالما قدرت أعداد الموتى والقتلى في صفوف جيشه أثناء العبور بالآلاف في إحصائيات تقديرية بولغ في العديد منها ورأى البعض أنه أخطأ حين لم يهاجم إيطاليا بالسفن الفينيقية عبر البحر المتوسط.
وهنا فليسمح لي القاريء بأن أعرض رأيي المتواضع حول تلك المسألة . فلقد إتخذ حنابعل قراراً بالهجوم لم يكن ليرجع عنه أبداً والأرجح حسب ما أعتقد أنه فاضل بين خيارين هما مهاجمة روما بالسفن عبر البحر أو براً بعبور جبال البرنس وجبال الألب وأجزم أنه إختار الخيار الثاني للأسباب التالية :

1- لم ينسى حنابعل كما يبدو أحداث العام 480 ق.م حين أراد جيلون حاكم مدينة سيراقوسة توحيد المدن اليونانية في صقلية فأرسلت قرطاجة جيشاً قوياً لمحاربته بقيادة قائد فينيقي كان اسمه هملقار أيضاً فغرق الجيش مع سفنه وهزم في هيميرا قرب باليرمو . ولم يشأ حنابعل بالطبع أن يلقى جيشه نفس المصير المشؤوم.
2- النزول في إيطاليا عبر البحر يعني حتى لو تم بنجاح ونجت السفن القرطاجية أو معظمها من الغرق خوض حرب شرسة في البحر أولاً مع سفن الرومان قبل دخول أية معركة على البر.
3- الهجوم عبر البحر سيفقد الجيش القرطاجي عنصر المفاجئة والمباغتة . والحقيقة أن إسقاط الجيش القرطاجي خلف خطوط العدو عبر طريق مستحيلة هي جبال الألب يشكل مفاجئة صاعقة تنزل على الرومان.

لاشك في أن حنابعل قد خالف بقراره كل القواعد الحربية الأساسية المتعلقة بعدم إنهاك الجيش والسير به لمسافات طويلة وكذلك تجنب المناطق والأراضي شبه المجهولة أو ذات التضاريس الوعرة والصعبة والإبتعاد عن الممرات المحفوفة بالمخاطر . وهو في هذه النقطة يخالف نصائح غالبية القادة العسكريين وعلى رأسهم القائد الصيني الفذ سن تزو لكنه وبالتحديد ولأنه يخالفهم كان مصيباً إلى حد كبير في القيام بما هو غير مألوف وغير متوقع وإجتراح عمل خارق وأسطوري ومباغت تكمن أهميته في أنه غير تقليدي وغير عادي حقق بفضل مخالفته للمنطق الحربي مبدئاً أساسياً وحاسماً أخر في الحرب ربما يكون أكثر أهمية تلخص في نصيحة سن تزو : ( اهجم بينما هو ( العدو ) غير مستعد ، اظهر في المكان الذي لايتوقعك فيه ) .

إذاً فقد كانت خطة هانيبعل مبنية على المخاطرة وهذا صحيح ولكنها أيضاً كانت مبنية على الحسابات وترجيح الإختيار الأقل مخاطرة في انتخاب طريقة وطرق الهجوم .
نعم كانت الخطة مخاطرة ومجازفة ولكنها لم تكن عملاً أخرقاً متهوراً لأنها كانت من جانب أخر خطة ً محسوبة ً ومدروسة ً. أي أنها باختصار كانت مخاطرة محسوبة .


وهكذا فقد قاد حنابعل جيشاً تقدم نحو روما في رتل امتد على مسافة 80 كم وكما كان المجتمع القرطاجي متسامحاً ومنفتحاً تجاه الأديان والأعراق إلى حد أن الألهة اليونانية أو الإفريقية قد تشاهد في المعابد القرطاجية منتصبة إلى جانب الألهة الكنعانية كذلك جيش حنابعل تشكل من عدة أقوام وجد فيهم الفينيقي والليبي والأفريقي واليوناني والإسباني ففي هيئة أركانه مثلاً تواجد مهر بعل البربري الأمازيغي قائد الخيالة والفرسان وسينهالوس المصري كبير الأطباء والإغريقيين وسلينوس و سوسيلوس والمنجم الهندي بوح وسوسيليوس الإسبرطي. ولم يكن حنابعل يميز نفسه عن جنوده بل كان يشترك ويتساوى معهم في كل شيء مما عمق ارتباطهم به وولائهم له.

اجتاز جيش حنابعل سلسلة جبال البيرينيه الفاصلة بين اسبانيا وفرنسا ومر في الأراضي الفرنسية نحو أضخم سلسلة جبال في أوروبا هي جبال الألب الممتدة لمسافة 1200كم والبالغ إرتفاعها في قمة جبل مون بلان 4807م فوق سطح البحر و في قمة جبل ماترهورن 4478م فوق سطح البحر.
وقد صدرت المئات من الدراسات والأبحاث الحديثة التي تطرقت إلى عبور جيش هانبعل لتلك الجبال وحاولت أن تحصر الطرق المحتملة لهذا العبور في الطرق الست التالية :

( جبل سنيس – سان برنار – الصغير – سان برنار االكبير – جبل جنيفر – ممر أرجنتيير – ممر ترافرسيت ) .


واجه جيش حنابعل أثناء صعوده ونزوله على سفوح وقمم ومنحدرات جبال الألب وفي ممراته وشعابه الضيقة والوعرة مخاطر هائلة ولم يكن الأمر مشابهاً قط لرحلات وغزوات القبائل الغولية خلال تلك الجبال فالجيش المتحرك بعدته وعتاده لا يضم بضعة مئات بل عشرات الآلاف من الجنود والمئات أو ربما الآلاف من العائلات المرافقة وخيول الفرسان و37 فيلاً أفريقياً تعبر لأول مرة جبالاً شاهقة وباردة وكل هؤلاء يحملون معهم المأونة والأعلاف وشتى إحتياجاتهم اليومية والعادية .
واجه الجيش الجرار مخاطر الإنزلاقات وتساقط الصخور والإنهيارات والبرد والجوع والمشقة واضطر لقتال قبائل الألوبروج والغولييين وسواها من القبائل الجبلية الضارية . واستخدم خلال عبوره عدداً من الأدلاء البوئيين المحالفين له كما لجأ لبث الجواسيس ومجموعات الإستطلاع أثناء تحركه واستخدام العديد من الحيل والخدع كربط قناديا مشتعلة إلى قرون قطعان من الخراف وإطلاقها ليلاً لحرف أنظار المتربصين به ودفعهم بإتجاهات خاطئة أو كإيقاد النار ليلاً في معسكرات وهمية خالية لإيهام العدو بالتوقف للإستراحة فيما الجيش يواصل زحفه وغيرها .

حين بلغ حنا بعل قمم جبال الألب وترائت أمام أنظاره في البعيد السهوب والسهول المترامية الأطراف للأراضي الإيطالية الخضراء لم ينس بالتأكيد كعادة القادة الكنعانيين الرجوع إلى الألهة وتقديم الشكر لها بالتضرع والأدعية .
أحب الكنعانيون دائماً أن تقام معابدهم في المناطق المرتفعة وفوق الهضاب والروابي العالية أو أن تقام طقوس صلواتهم في أكناف الطبيعة وفي الهواء الطلق لكنهم ربما لم يصلوا يوماً للإرتفاعات التي بلغها حنا بعل وجيشه الجرار ولم يقيموا طقوسهم فوق جبال شاهقة وفي أجواء قاسية وشديدة البرودة . ولعل هذا ما أوحى لحنا بعل أنه الأن وأكثر من أي وقت مضى صار اقرب إلى السماء وأبلغ دنواً من الألهة فوقف شاخصاً بعيونه نحو الأعلى قبل أن يركع ويرتمي على الأرض وفق طقوس الصلاة الكنعانية أو ما سموه بالـ ( الرجم ) ثم نهض رافعاً يديه مبتهلاً :

" إني ألوذ بك ، أطلب نصحك
هو ذا شعبي عند قدميك ، شعبي وسفوحك .
الصلوات خرساء ولكن النار تضطرم في أحشائي
فأتوسل إليك بحزن وأكرر الصلاة .
الخشب والأرض الحجرية تشكو إلى السماء
فشعب البلاد في المنحدرات ، شعبنا يتوهج من الألام
بسبب البرد والصاعقة والشقاء
فلترحمهم السماوات وتعنهم بالصلاة . "


بعد حوالي خمسة عشر يوماً كان جيش حنابعل في الجانب الأخر من سفوح الألب يطأ بأقدامه لأول مرة الأراضي الإيطالية ويبث الهلع والرعب في صفوف الرومان المذهولين بهبوط هذا الجيش الجرار من السماء وعلى نحو مباغت ومفاجيء غير متوقع وغير مسبوق فخاضوا ضده أولى المعارك على ضفاف نهر تسينو وطوق فرسان حنابعل بسرعة قطعاتهم الثقيلة وأنزلوا فيها هزيمة ماحقة سقط على أثرها ببليوس قائد الجيش الروماني جريحاً وارتد إلى روما مذعوراً لهول ما شاهد ولقي.
لم تجد روما المزعورة سبيلاً سوى أن ترسل حملة ثانية وجيشا كبيراً على رأسه تيباريوس سمبرونيوس استدرجه حنابعل إلى سهل مغمور بمياه فيضانات نهر تريبيا فأثقله بالوحل وأنزل به هزيمة ساحقة ممتثلاً
لقول أبيه هملقار برقة : دع الأرض تقاتل عنك .
غير أن إحدى أعظم إنتصارات حنابعل تلك التي سجلتها موقعة ترازايمين عام 217 ق . م حين زحف جيش روماني ضخم يتجاوز الأربعين ألفاً على رأسه جايوس فلامنيوس نحو بحيرة ترازايمين ليفاجأ بجيش حنابعل ينزل خلفه من المرتفعات وينقض عليه بغتة ً و يطوقه بهجوم سريع وكاسح لتنتهي المعركة بانتصاره وأسر 15 آلفاً من جنوده بقي منهم في الأسر ستة آلاف بعد أن أطلق حنا بعل سراح كل الأسرى المنحدرين من شعوب وأصول غير رومانية مؤكداً أن معركته ليست معهم بل هي مع حكام روما .

أما الموقعة الكبرى التي خلدها التاريخ وكانت ولا زالت من أعظم الأعمال الحربية على مر العصور وكتبت عنها مئات الدراسات والأبحاث ووضعت على منوالها خطط حربية غيرت وجه الزمان وبقيت تدرس في الكليات والمعاهد الحربية حتى الأن فتلك معركة أو موقعة كناي العظمى.

شهدت المرحلة التي سبقت موقعة كناي استعدادات حثيثة من الطرفين ففي روما تم اختيار أميليوس باولوس من أعضاء مجلس الشيوخ والقائد الشعبي فارون لقيادة جيش ضخم جرى تشكيله بحجم جيشين وليكون مكوناً من ثماني فرق بدلاً من أربعة وضمت كل فرقة خمسة آلاف مقاتل من المشاة وثلاثمائة فارس انضم إليها جيش أخر شكله حلفاء روما من ثماني فرق أخرى حتى وصل تعداد الجيش الوماني إلى 89200 مقاتل منهم 82000 من المشاة و 7200 فارس. كما تلقت روما على غير عادتها الدعم المادي والمعنوي من حلفائها فاستلمت نصف مليون كيل من القمح والشعير وتمثالاً من الذهب مقداره مئة وزنة وفرقة من الرماة مرسلة من حاكم سرقسطة ووعاءً من الذهب وهبتها مدينة نابولي. كما باشرت روما حملة حشد ودعاية واسعة انخرطت بها كافة فئات وطبقات الشعب وانضم إلى الجيش حتى الأعيان وأبناء الأسر الكبيرة والثرية في ظاهرة اتحاد والتفاف وطني واسعة وغير مسبوقة.
من جانبه لم يبد حنابعل أية تحركات ذات أهمية في الظاهر بل لجأ إلى تكتيكات أوهمت العدو بخشيته من خوض منازلة حاسمة وتظاهر بالتقهقر بعد أن دفع بخيالته لقتال محدود انسحبوا على إثره بشكل مخادع منهزمين ومولين الدبر فخرج بقواته من جيرونيوم وابتعد إلى الخلف عن روما ليستولي على قلعة كان المتصدعة والمخصصة لكدس المؤن.
ولم يكن إنسحاب حنابعل في الحقيقة سوى لإختيار الأرض المؤاتية لخوض المعركة بالطريقة والظروف المناسبة لجيشه وخيالته ولإيهام العدو بضعفه وإغرائه بالخروج لمهاجمته.
ويروى أن حنابعل ارتقى قبل بدأ المعركة مكاناً مرتفعاً ومطلاً مع عدد من قادة جيشه ليعاين أرض المعركة وقوات العدو وحين بدت الحشود الرومانية الضخمة تمتد في الأفق على امتداد البصر راع المشهد أحد مساعديه وكان اسمه جيكسون فقال بشيء من الوجل والإضطراب : ياله من مشهد عجيب . كيف حشدت روما كل هؤلاء الرجال ؟ ما أكثرهم !
بقي حنابعل هادئاً ومبتسماً بل أنه أجاب بشيء من الغبطة والفرح : ولكن لاتنسى أن هناك أمراً أخر أكثر عجباً هو أنه رغم أعدادهم الغفيرة فلن تجد بينهم أحدا ً اسمه جيكسون . ضحك الجميع بما فيهم حنابعل.
تلك الحكاية تؤكد أمرين : الأول أن حنابعل كان واثقاً تماماً من نجاح خطته وقدرة جيشه على تنفيذها . والثاني أنه ربما أراد بكلامه أن يقول أن الرومان رغم كثافة أعدادهم وضخامة حشودهم فإنه ليس بينهم من يقاتل ببسالة الجنود القرطاجيين أو أنه أراد أيضاً أن يقول أنه ليس بينهم من يدعى حنابعل أو يضاهي حنكته.

في الثالث من تموز عام 216 ق . م اصطفت القوات الرومانية في تشكيلات حربية حاشدة ومتراصة وأفلح هاني بعل في نشر خيالته على الأطراف وجعل القوات الرومانية تتحرك في مساحة ضيقة مشغولة بالجنود الرومان المتلاصقين بأعداد غفيرة وأطلق خيالته في الأطراف بهجوم كاسح على خيالة الجيش الروماني فيما تقدم قلب الجيش القرطاجي إلى الأمام وخاض قتالاً ضارياً تظاهر بعده بالإنكفاء والإنسحاب إلى الخلف فجر قلب الجيش الروماني لملاحقته والهجوم إلى الأمام
وفي االوقت الذي تراجع فيه قلب الجيش القرطاجي متعمداً وبسرعة إلى الخلف كانت الميمنة والميسرة تطبق على الجيش الروماني من الجوانب على شكل نصف قوس ثم ككماشة وسرعان ما قضت الخيالة القرطاجية على فرسان الجيش الروماني وعادت للمعركة لتلتف على الجيش الروماني من الخلف فيقع في حاصر كامل أطبق عليه من كافة الجهات والجوانب . بقي الجيش القرطاجي يتحرك بحرية في مساحات رحبة محيطاً بالجيش الروماني المكتظ ضمن مساحة ضيقة محاصرة واستمر القتال حتى قتل منهم أكثر من 50000 مقاتل وجرح وأسر الباقون .
لم تكن قوات حنابعل عند بداية تلك المعركة تزيد عن 40000 آلفاً فيما قارب الجيش الروماني المئة آلف تبددوا عند نهاية القتال أثراً بعد عين لتتلقى روما أعظم وأكبر هزيمة عسكرية تعرضت لها طوال تاريخها. ولتصبح موقعة كناي أو الكماشة إحدى أعظم المعارك والمآثر الحربية على مر العصور.

تقدم حنابعل بإتجاه روما ووصل حتى ميناء كابوا عام 211 ق.م لكن تراجع حملة قادها أخوه عزربعل الذي لقي مصرعه عام 207 ق.م اضطره للتراجع إلى مدينة بروتيوم في الجزء الجنوبي من إيطاليا .
بقيت روما بعد ذلك محاصرة ومهددة بجيوش هنيبعل لمدة وصلت إلى 15 أو 16 سنة . ولم يحاول حنابعل دخولها وإختراق أسوارها لأسباب عديدة تمثل أهمها في:

1- رغم تمتع قرطاجة الأم بنظام سياسي جمهوري وتكون نظامها الحاكم من عدة هيئات يتم إنتخابها بما فيها الملكان أو السبطان ( الشوفطان – ينتخبان من أسرتين مختلفتين لمدة سنة واحدة ) إلا أن هذا النظام المرن والمتقدم لم يهيء لحنا بعل متطلبات المعركة ولم يمده بالإمدادات المطلوبة فبقي الأخير خمس سنوات في إنتظار تعزيزات لم تصله.
2- فضل التجار وأثرياء قرطاجة الإلتفات إلى مصالحهم وأعمالهم التجارية ولم يعنهم كثيراً دعم القائد القرطاجي الذي وفر لهم أسباب الإستقرار والرخاء بتطويق روما وتثبيت جيوشها.
3- على العكس من قرطاجة ورغم وجود نظام سياسي متسلط في روما استمر الإعداد والحشد لسنوات طويلة وبناء قوات جديدة وتدريبها وتسليحها وتأمينها بالعتاد والمؤن. كما شنت حملة لإعادة تشكيل الوعي وإخراجه من حالة الصدمة والإنهزام وتحفيزه للمعركة واستخدمت في تلك الحملة كافة أساليب التربية والتلقين والمؤثرات الدينية والفلسفية وحتى الحيلة والشعوذة وإختلاق الحكايات الخرافية والأسطورية.
4- استنفذ جيش حنابعل الكثير من امكاناته ولم يصل إليه ما يعوض ما يفقده من جنود وعتاد . ولم تسانده حملة مساندة وتعزيز من الوطن الأم.
5- نقض الملك النوميدي مسينيسا تحالفه مع قرطاجة وانضم إلى روما والتقت جيوش الطرفين في حرب إنتقلت إلى قرطاجة ذاتها.
6- تعلم الرومان من حنابعل أساليبه وتكتيكاته الحربية وطوروا تدريباتهم وتسليحهم وخططهم الحربية وجاروه فيها.

كل تلك الأسباب حالت دون دخول حنابعل روما وحسم الحرب بشكل نهائي وأخير . بيد أني وليعذرني القاريء أميل للإعتقاد بشيء أخر هو أن حنابعل لم يشأ ولم يخطط بالأصل لدخول روما .
ودليلي على ذلك أمرين :

- عند بدأ الإعداد للحملة والتوجه لعبور الألب ومهاجمة روما كان حنابعل يوضح فكرته لقادة جيشه على النحو التالي: ( لو أفلحنا في الوصول في الوقت المناسب إلى نهر البو سنلجم الجيوش الرومانية داخل إيطاليا نفسها فلا تصبح قرطاجة مسرحاً للحرب وتقع تبعات الحرب وكلفتها ومأسيها على الرومان الذين انتقلت الحرب إلى عقر ديارهم ) . لم يرد في تلك الفكرة سوى نقطتين مهمتين هما : نقل الحرب إلى أرض العدو و لجم الجيوش الرومانية فوق الأراضي الإيطالية ولم يشر حنابعل في حديثه عن المبادرة والمباغتة بمهاجمة روما ما يشير أو يدل على نية واضحة بدخولها .. أي أنه كان هجوماً دفاعياً إحترازياً بنقل خط الجبهة إلى الأمام وتثبيت الخطوط الدفاعية الجديدة والحصينة فوق أرض العدو .
- بعد الإنتصار الحاسم في موقعة كناي حث قائد الفرسان القرطاجي مهر بعل قائده حنا بعل على السير فوراً إلى روما العزلاء بعد أن أفني جيشها وأبيد ودخولها خلال مدة لن تتجاوز خمسة أيام لكن حنا بعل تجاهل دعوته ولم يعمل بها . ولأننا نعرف أن حنابعل قائد عسكري فذ لايشق له غبار يدرك وهو يرى الجيش الروماني الأخير محطماً أن روما أصبحت بالفعل عزلاء لاطاقة لها بمحاربته ولن يمنعه أي شيء عن دخولها لابد أن نرى في موقفه ذاك مايدل بوضوح وجلاء على أنه لم يرد بالفعل أن يدخل روما وأن كل ما سعى إليه أن يحاصرها ويعطل ألتها الحربية أو يجردها منها.


وهكذا وبعد 16 سنة تحالفت روما مع الملك النوميدي ماسينيسيا واستدعت قرطاجة الأم حنابعل على عجل ليعود ويقود جيشاً من الشبان غير المدربين وغير المهيئين للحرب في معركة زاما التي خسرها القرطاجيون وخضعت بعدها قرطاج للوصاية الرومانية إلى أن حاربت في العام 151 ق. م ضد روما وحليفها ماسينيسا
في حرب استمرت رغم ضعفها وشح امكاناتها ثلاث سنين قاومت فيها ببسالة وبضراوة حتى سقطت وأحرقت في العام 146 ق.م .

دمر الرومان بحقد قرطاجة وأحرقوها وذبحوا معظم أهلها وأسروا واستعبدوا من بقي منهم على قيد الحياة وحرثوا الأرض ورشوها بالملح لكي لاتقوم لقرطاجة بعد ذلك أية قائمة فهل اندثر حقاً القرطاجيون ؟
بعد ستة قرون من تدمير قرطاجة كتب القديس أوغسطين في القرن الخامس الميلادي ما يلي:
( إذا سألت أحد سكان هذا البلد عن هويته سيقول لك بلسانه البونيقي ( الفينيقي ) أنه كنعاني ) .
وعندما أعلن D Penhouet في الربع الأول من القرن التاسع عشر وبالأدلة أن سكان منطقة بريطانا بفرنسا أصلهم قرطاجي وأنهم يتكلمون البونيقية ( الفينيقية ) بلهجة أهل قرطاجة اضطربت الحكومة الفرنسية وسارع أصحاب الثورة التنويرية إلى محاولة طمس الآثار القرطاجية من تلك المنطقة. وإزاء ذلك علق مفكر أوروبي
أنه من الغباء محاولة طمس الحقائق ولعل من يفعل لايعلم أن الحروف الهجائية التي يكتب بها تولدت عن أصل فينيقي وكذلك الأرقام وأشياء كثيرة أخرى.

بالمحصلة فإن ما يهمنا هنا هو أن نستخلص الدروس والعبر ونجني الأفكار والدلالات وأن نتعلم من الأعمال الصائبة وكذلك من الأعمال الخاطئة ما نتزود به ونستنير بضيائه في صراعنا الحالي مع عدو غاشم لا يرحم .

وهنا سألخص ما يمكن أن نتعلمه من حنابعل والقرطاجيين وما نستفيده مما أصابوا فيه أو أخطأوا على حد سواء:

- نقل الحرب إلى أرض العدو وتكبيده ويلاتها وتبعاتها .
- الهجوم خير وسيلة للدفاع .
- الدفاع يمكن أن يكون دفاعاً متقدماً تبنى خطوطه فوق أرض العدو.
- ضرب العدو في مركز قوته أهم وأجدى من ضربه في أطرافه.
- إن لم تستطع إكتساح مركز العدو يمكن أن تبقيه تحت ضغط ضرباتك أو حصارك .
- خير وسيلة لإضعاف الخصم هي باستنزافه في حرب تجري كل أو معظم وقائعها فوق أرضه.
- المباغتة ومهاجمة العدو من حيث لايحتسب ولا يتوقع.
- الحرب خدعة والمناورة تلعب دوراً كبيراً في مراوغة الخصم وجره إلى حتفه.
- إختيار أرض المعركة بعناية وإجبار العدو على خوض قتال في مكان لايناسبه وبطريقة لاتلائمه.
- مواجهة الوحدات الثقيلة لللعدو بوحدات خفيفة سريعة الحركة قادرة على تنفيذ الغارات الخاطفة.
- إستغلال ثقل الألة الحربية للخصم في إبطاء أو عرقلة حركتها أو تشويشها و إرباكها.
- عدم بناء إحتياطي ووحدات قتالية جديدة قد يؤدي بالنهاية إلى خسارة الحرب.
- ضورة معرفة مزايا العدو ونقاط ضعفه واستغلالها على أكمل وجه.
- تسخير عوامل الأرض والبيئة لتكون سلاحاً طبيعياً ضد العدو.
- عدم وجود جبهة داخلية موحدة تجمع كل فئات الشعب في الوقوف خلف القوات ودعمها يؤدي في النهاية لإنهيارها.
- وجود نظام سياسي مستقر ومنظم ومعتدل لايكفي لكسب المعركة مالم يخطط لتسخير الموارد والقدرات لحسم الصراع.

أما ما يمكن أن نتعلمه من الرومان فما يلي:

- عدم اليأس والركون للهزيمة والإنهيار والعمل الجاد لإستعادة الذات والنهوض من جديد.
- توحد الجبهة الداخلية بكل فئات الشعب وطبقاته وأطيافه وتياراته السياسية والفكرية ورفع شعار كل شيء للمعركة.
- بناء القوات البديلة وإعادة التدريب والتشكيل بأنماط حديثة والتعلم من الأخطاء في سد الثغرات ومواطن الخلل .
- التعبئة المعنوية والفكرية والنفسية المتواصلة وتربية الأجيال وتوجيهها نحو هدف واحد هو الوطن.
- مساهمة كل فئات الشعب بما تستطيع من جهد وإمكانات في تمويل الحرب وتوفير متطلباتها.
- التعلم من العدو والإكتساب من خبراته وعلومه وفنونه وقدراته ومجاراته في خططه ووسائله وطرقه وأسلحته.
- طول النفس في تلقي الصدمة ومحو أثارها والتحضير الطويل المنظم لهجوم مضاد حاسم.
- عقد التحالفات الناجحة لعزل الخصم أو زيادة عزلته.

وما أركز عليه هنا بشأن الصراع العربي والفلسطيني مع العدو الصهيوني ما يلي :

- نقل الحرب إلى أرض العدو : مساحة فلسطين المحتلة صغيرة وجبهتها الداخلية ضيقة تخلو من المساحات الرحبة والواسعة وقد خاضت ( اسرائيل ) بجيشها باستثناء ما يمكن تسميته بحرب 1948م عن قصد وعمد وتخطيط سليم كل حروبها خارج ما تعده أراضيها فبادرت لنقل الحرب إلى أراضي أعدائها و( اسرائيل ) التي خاضت عدة حروب في أراضي العدو لاتقوى على خوض حرب حقيقية ولو لمرة واحدة تجري وقائعها فوق ما تعده ترابها وعمقها الداخلي.
لذا ينبغي على قيادات الجيوش العربية أن تركز في تخطيطها الحربي على نقل الحرب إلى أرض العدو .وهنا لابد من الإشارة إلى أن نقل الحرب لايقتضي بالضرورة أن تشن الجيوش العرببية حروباً هجومية وأن تزحف بقواتها البرية نحو عمق العدو كما أن التوازن الإستراتيجي مع العدو لايقتضي التساوي مع ترسانته العسكرية بالعدد والعدة والعتاد في كل شيء بحيث تقابل سلاح طيرانه قوات مساوية أو توازي قواته البحرية أو سلاح مدرعاته تشكيلات مماثلة بل يمكن خلق توازن حقيقي يبنى على التعادل مع عدم التكافؤ أو حتى التفوق مع عدم التساوي .
ولتوضيح تلك الفكرة أبين ما يلي : استخدم حنابعل الفيلة كسلاح ثقيل دعم به وحدات جيشه لإحداث تفوق نوعي ولإرهاب الخصم واعتمد بالمقابل في القتال الميداني على قوات خفيفة سريعة الحركة واجه بها وحدات العدو الثقيلة والبطيئة نسبياً وما أقترحه ما يلي:

- تتميز اسرائي بسلاح الطيران وتعتمد عليه إعتماداً شبه كلي في توجيه مسار الحرب وتحقيق التفوق النوعي فكيف نبطل ونعطل قدرة الطيران الإسرائيلي وكيف نواجه ترسانة الدبابات الضخمة .. أجيب لن تستطيع أية دولة عربية في الظروف الراهنة بناء أسطول جوي حربي موازي لسلاح الجو الإسرائيلي وربما لن تستطيع أن تمتلك نفس العدد من الدبابات الحديثة وحتى لوفعلت ستبقى متأخرة في ساعات التدريب والتحليق وفي قدرات تكنولوجيا توجيه الصواريخ والرادارات والحواسيب .
والسلاح الثقيل هنا هو الدبابات والطائرات وليس فيلة حنابعل .
لكن ما هي الطائرة أصلاً وما هي الدبابة ؟ الطائرة وسيلة نقل والدبابة أصلاً عربة سيارة أدخلتا للجيوش وطورتا لحمل القذائف وإيصالها إلى أقرب نقطة تقذف منها بإتجاه العدو .
والجيوش العربية بإمكانها أن تحقق التوازن الإستراتيجي أو التفوق لو حققت ما يلي:

1- بناء ترسانة ضخمة ومحصنة ومخبأة جيداً من الصواريخ بعيدة المدى ذات الرؤؤس الحربية الثقيلة شديدة الإنفجار .والإحتفاظ بمخزون كبير في مخابيء منيعة مموهة وموزعة في عدة مواقع فائقة السرية. وبناء محطات إطلاق ثابتة وسيارة محمية وموزعة توزيعاً مدروساً وناجعاً. وهنا ستصبح الصواريخ السلاح الإستراتيجي الذي يبطل تأثير الطيران أو يضعفه ويجعل العدو تحت مرمى كثيف للنيران دون الحاجة لشن هجوم بري بقوات مكشوفة ومعرضة للتدمير. وهذا السلاح قادر ليس بالوحدات البرية على نقل المعركة إلى أرض الخصم بل بقوة وتركيز النيران ولأن فلسطين مساحتها ضيقة فإن سلاحاً صاروخياً حتى لو كان أقل عددياً مقارنة بالسلاح الإسرائيلي ستكون قدرته التدميرية عالية جداً حين ينصب على أهداف مختارة في مساحات ضيقة وعمق ضحل. وإسرائيل المعتلة بعدم قدرتها على تحمل خسائر فادحة أو خوض حرب طويلة ستجد نفسها تحت وطأة نيران تكلفها خسائر فادحة وتصدع جبهتها الداخلية الرخوة والهشة أيضاً وبما يدفعها للخروج من الحرب ووقفها بأسرع وقت حتى ولو بأفدح ثمن.
2- بناءالوحدات برية من الدبابات والمشاة والمدفعية وإعدادها لخوض حرب دفاعية طويلة ورفدها بوحدات مدربة تدريباً عالياً ومجهزة لخوض قتال ضاري بوسائل الحرب الخفيفة والفردية بما يعطيها القدرة على الإنتشار والإختباء في الدشم والخنادق المحصنة ودخول حرب دفاعية قادرة على وقف تقدم مدرعات االعدو أو إعاقتها وتكبيدها أفدح الخسائر وبما يقيها من هجمات الطيران والقصف المدفعي أو يخفض خسائرها.
3- استخدام سلاح الطيران لشن هجمات القصف الصاروخي المختارة وللتدخل الإضطراري لدعم الوحدات البرية في حالات الضرورة القصوى.
4- بناء شبكة صواريخ أرض جو للتصدي للطيران االمعادي وتضييق مجالات تحليقه والحاق الخسائر به.

أي بإختصار نقل الحرب إلى أرض العدو بالقوة النارية الهائلة للصواريخ وتثبيت القوات البرية المدربة لوقف وصد أي هجوم بري إسرائيلي. بإختصار هجوم صاروخي متواصل مع دفاع بري منيع وثابت.
مع ملاحظة أن البقاء ضمن خط جبهة دفاعي لايعني بالطبع عدم شن هجمات نوعية عبر ثغرات ومواقع سانحة .

أما بالنسبة للفصائل الفدائية في فلسطين فبعد أن كانت ساحة عملها ومواقعها الأساسية وأغلب حروبها قد خيضت فوق أراض عربية قبل أن ينتقل ثقل العمل الوطني بالإنتفاضة والعمل الفدائي إلى داخل فلسطين بعد الخروج من بيروت ثم بعد أوسلو فإن هذا الإتجاه التاريخي لتطور الأحداث ينقل المعركة والمواجهة بالفعل إلى ما يعده العدو أرضه ولعل المرحلة القادمة تعتمد أكثر على قدرتها على بناء وحدات داخل لأراضي المحتلة عام 1948م لتتحرك عند الضرورة في عمليات هجومية مختارة تنقل الحرب إلى عمق العدو وكذلك لو أفلحت في تحويل الصواريخ العبثية إلى صواريخ أبعد مدى وأشد تدميرا.
مع العناية الفائقة بتدريب قوات الأمن الوطني على حرب المغاوير والشوارع تحسباً لأي عدوان يتعين صده أو إلحاق الخسائر به لوقفه أو تخفيف حدته دون إهمال بناء إحتياطات من الشبان القادرين على التدرب وحمل السلاح.

وبالنهاية فإن اسرائيل االتي تبدو قوية جداً ومنيعة جداً ستبدو بالتأكيد ضعيفة جداً لو واجهت خطة حنابعل بالمباغتة ونقل المعركة إلى ما تعتقدها أرضها وعمقها الحيوي.

دمتم بخير
عاشق الكوفية
عاشق الكوفية
الدعم الفني
الدعم الفني

الساعة :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 906
العمر : 38
المزاج : عادي
تاريخ التسجيل : 23/11/2007
التقيم : 17
نقاط : 2123

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الحرب والسلام - الجزء الأول - خطة هنيبعل Empty رد: الحرب والسلام - الجزء الأول - خطة هنيبعل

مُساهمة من طرف أركان الأربعاء فبراير 03, 2010 9:02 am

شكرا لك اخي عاشق على الموضوع وتفاصيل
الله يعطيك العافية على مجهوداك الرائع
تحياتي
أركان
أركان
رئيس منتديات الكوفية الفلسطينية
رئيس منتديات الكوفية الفلسطينية

الساعة :
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 3637
العمر : 33
المزاج : عالي
تاريخ التسجيل : 18/11/2007
التقيم : 29
نقاط : 4945

https://kofya.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى