الصباح في حوار شامل مع الاسير مروان البرغوثي
صفحة 1 من اصل 1
الصباح في حوار شامل مع الاسير مروان البرغوثي
الصباح في حوار شامل مع الاسير مروان البرغوثي
"الوحدة الوطنية في الحالة الفلسطينية بمثابة الماء و الهواء و ليست ترفا "
"على القيادات الفلسطينية ان تخجل من المشهد الذي شوه النضال الفلسطيني"
"من يعتقد انه بامكانه الخروج بنتائج من خلال المفاوضات مع حكومة اليمين المتطرف و العنصري فهو واهم"
تونس اسيا العتروس
قد لا يحتاج مروان البرغوثي لتعريف فهو المناضل والسياسي والاسيرو الباحث والدكتور و لكن هو ايضا الانسان الذي جمع في شخصه كل هذه الالقاب وتمرد على الاحتلال و رفض الرضوخ لاحكامه المهينة وللحرية و السيادة المشروطة بعد ان تجاوزت شهرته حدود فلسطين وحدود السجن الاسرائيلي الذي يقبع فيه منذ سنوات,من خلف الاسوار ارسل الينا المناضل مروان البرغوثي "ابو القسام ه" بردوده على اسئلتنا و ذلك بعد اكثر من تاجيل و بعد اكثر من محاولة لعرقلة هذا الحوار حيث كانت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تعمد في كل مرة الى معاقبة السجناء الفلسطينيين بحرمانهم من زيارة ذويهم و محاميهم ومنعهم بالتالي من التواصل مع العالم الخارجي عقابا لهم على اضراباتهم المتكررة واصرارهم على العصيان و الدخول في اضرابات الجوع المتكررة . وفي هذا الحديث الذي خص به مروان البرغوثي قراء "الصباح" ليحمله رسالة مباشرة الى بقية الاسرى الفلسطينيين في السجون و المعتقلات الاسرائيلية ويبعث في نفوسهم الامل و يحثهم على الصبر و الصمود ووحدة الكلمة .و يقول مروان البرغوثي "ان الوحدة الوطنية في الحالة الفلسطينية بمثابة الماء و الهواء و ليست ترفا "كما وصف البرغوثي المشهد الفلسطيني في ظل الانقسام الحاصل بانه بائس و مؤسف و محزن و مخجل وقال "على القيادات الفلسطينية ان تخجل من هذا المشهد الذي شوه النضال الفلسطيني" .و حذر البرغوثي من عدم قيام الدولة الفلسطينية و قال "اذا لم تقام دولة فلسطينية فان مستقبل اسرائيل سيكون في خطر"و عن اقراءات البعض بشان خلافته الزعيم ياسر عرفات قال البرغوثي "لا يشغلني أي منصب في العالم و كل ما اسعى اليه انهاء عذابات شعبنا و انهاء الاحتلال "
كما استخف البرغوثي بالمخاطر التي قد يتعرض لها في حال الافراج عنه و قال "لست افضل من الاطفال و الشيوخ و الرجال و النساء و القادة الذين استشهدوا من اجل فلسطين حرة عربية "و فيما يلي نص هذا الحديث الذي تعرض فيه البرغوثي لظروف انجاز رسالة الدكتوراه في سجنه وحمله رسالة خاصة للشعوب العربية عموما و لشعب تونس خاصة ...
حوار اسيا العتروس
بداية و قبل الرد على الاسئلة أشكر لك اهتمامك، ومن خلالك ومن خلال جريدة الصباح الغراء أبعث بتحياتي الحارة الى تونس الحبيبة والى شعبها الطيب واشكر لتونس وقفتها وتضامنها الدائم مع نضال شعبنا وكفاحه العادل في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
-كيف تمكنتم من انجاز الدكتوراه في السجن وما هي الرسالة التي أردتم ارسالها من خلالها؟
-ان انجاز رسالة دكتوراه في السجن مهمة شاقة وصعبة وتشكل تحدي كبير خاصة انها تتم دون علم او معرفة سلطات الاحتلال في السجن، ولكن ارادة التحدي أقوى من قيود المحتل والاسلاك الشائكة والأسوار العالية وأقوى من ظلمة الزنازين وعتمتها، وقد انهيت درجة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية من جامعة بيرزيت، واستغرق ذلك عشر سنوات بسبب اعتقالي اكثر من عشر مرات اثناء الدراسة، بسبب نشاطي المقاوم والمناهض للاحتلال، ورغم كل الصعوبات بما فيها الاعتقال والابعاد والنفي عن الوطن واصلت الدراسة وحصلت على البكالوريوس، ولاحقا حصلت على درجة الماجستير في العلاقات الدولية، وكانت رسالتي حول العلاقات الفرنسية – الفلسطينية، وسجلت للدكتوراه في القاهرة في عام 1999 حيث كنت محاضراً في جامعة القدس، وكنت آنذاك نائباً في المجلس التشريعي الفلسطيني، وكذلك أمين سر لحركة فتح في الضفة الغربية.
كنت وما زلت اعتقد ان من واجب العاملين في الشأن العام وقادة المجتمع والحركات والأحزاب، تطوير قدراتهم وثقافتهم ومستواهم العلمي، لأن البت في مصير وقضايا الشعوب يحتاج الى الكثير من المعرفة والعلم والتأهيل الى جانب الارادة والايمان والاستعداد للتضحية في سبيل القضايا العادلة والتي تعتبر قضية فلسطين أبرزها واهمها في العالم المعاصر، وقد عملت خلال خمس سنوات بصبر على انجاز الدكتوراه، وأدخلت مئات الكتب والمراجع للسجن من خلال الزيارات العائلية وعبر عشرات العائلات والأسرى، كما استفدت من مكتبة السجن التي كونها الاسرى في كل سجن من خلال جهدهم طوال 43 عام من سنوات الاحتلال والاعتقال، وكانت رسالتي اولا تحدي القيود والمحتل الذي لم يتمكن من كسر ارادتنا ولم يتمكن من منعنا من مواصلة التحصيل العلمي وثانياً اني بحثت في موضوع هام وهو دور المجلس التشريعي الفلسطيني واسهامه في العملية الديمقراطية في فلسطين لاهتمامي الكبيرفي بناء نظام ديمقراطي في فلسطين قائم على مبدأ فصل السلطات وسيادة القانون واستقلال القضاء واحترام التعددية السياسية واحترام حقوق الانسان والحريات العامة واحترام حرية الصحافة وفوق كل ذلك احترام الحقوق الكاملة للمرأة في المجتمع.
-أين وصلت صفقة تبادل الأسرى، وما الذي يعطل الأمر؟
توقفت الصفقة بسبب رفض حكومة اسرائيل الموافقة على قائمة تقدمت بها حماس وتضم 450 مناضل محكومين بالسجن المؤبد والاحكام العالية، وحماس مصرة على اطلاق سراح جميع هؤلاء وخاصة ان غالبيتهم من الاسرى القدامى ومنهم من دخل عامه الثالث والثلاثين مثل نائل البرغوثي وفخري البرغوثي، وأكثر من نصفهم قضى اكثر من خمسة عشر عاماً في السجون الاسرائيلية.
-أي دور لحركة فتح مستقبلاً في تحقيق المصالحة واعادة دفع القضية الى المواقع التي تستحق؟
تعرضت حركة فتح خلال السنوات الماضية الى هزات وأزمات شديدة كان ابرزها استشهاد الرئيس القائد ياسر عرفات، وهزيمة فتح في الانتخابات التشريعية، وانهيار السلطة في غزة وسيطرت حماس عليها، اضافة الى حالة الترهل والعجز التي عاشتها قيادة فتح بسبب غياب انعقاد المؤتمر العام للحركة لأكثر من عشرين عاماً، وشكّل انعقاد المؤتمر العام السادس للحركة في اوت 2009 نقطة تحول هامة حيث تم تجديد الهيئات القيادية وانتخبت قيادات شابة ووجوه جديدة كثيرة خاصة في المجلس الثوري الذي يعتبر المرتبة الثانية في سلم القيادة في فتح بعد اللجنة المركزية، ونأمل ان تتمكن القيادة الجديدة من استنهاض حركة فتح واستعادة دور الحركة التاريخي خاصة ان فتح صاحبة الرصاصة الاولى والحجر الاول وهي التي بعثت الشعب الفلسطيني من جديد ومن تحت ركام النكبة، وهي التي جسدت الكيانية الفلسطينية ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية، ووضعت فلسطين على الخارطة السياسية، ثم أقامت اول سلطة وطنية على جزء من أرض فلسطين، ولا زال برنامج فتح الوطني قادر على جمع الشعب الفلسطيني وتجسيد الوحدة الوطنية وانا على ثقة ان حركة فتح جادة ومخلصة للمصالحة الوطنية لأن الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار للشعوب المقهورة ولحركات التحرر الوطني، ولأن الوحدة الوطنية في الحالة الفلسطينية بمثابة الماء والهواء وليست ترفاً. وأملي كبير ان تتم المصالحة الوطنية قريباً لأن الوطن يحتاج للجميع ويتسع للجميع، والمواجهة مع الاحتلال تحتاج لوحدة الصف ولوحدة الشعب ولوحدة الفصائل والقيادة.
وسبق ان قدمنا وثيقة الاسرى للوفاق الوطني التي وقعت عليها ولأول مرة في تاريخ فلسطين جميع الفصائل في 27/6/2006، والحل يكمن في العودة لهذه الوثيقة وفي احترام وتنفيذ ما جاء فيها، وحركة فتح تصر على التمسك بالنهج الديمقراطي وتريد اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية حرة ونزيهة كما جرت سابقاً.
-ماذا لو أصرت اسرائيل على ابعادك عن فلسطين كشرط لاطلاق سراحك ؟ وهل ستقبل ، خاصة ان اصوات كثيرة في اسرائيل تحذر من الافراج عنك؟
-نحن نصر على العودة الى أهلنا وشعبنا وبيتنا ولا يوجد فلسطيني يقبل الابعاد، وقد تم ابعادنا في الانتفاضة الاولى بقرار من وزير الحرب الاسرائيلي آنذاك اسحاق رابين، وطردنا بالقوة، ولكننا واصلنا النضال من المنفى وعدنا الى ارض الوطن في أول مجموعة تعود من المبعدين في افريل1994، ونحن نعلم ان اسرائيل ترفض الافراج عني وعن الكثير من المناضلين ولكن هذا سيتم آجلاً ام عاجلاً لأن ليل الاحتلال الى زوال بإذن الله.
-كيف ينظر مروان البرغوثي الى المشهد الفلسطيني من خلف الأسوار وهل من استراتيجية واضحة بشأن النشاطات المستقبلية؟
الشعب الفلسطيني شعب عظيم وصابر وصامد ويواجه ابشع غزو استعماري واستيطاني في التاريخ المعاصر، وهو شعب يواصل الكفاح الوطني منذ ما يزيد عن مائة عام في ظل اختلال لموازين القوى وفي ظل غياب الحليف الدولي والحليف الاقليمي الفاعل، وتمكن الشعب الفلسطيني من استعادة الامساك بقضيته التي اراد لها اعداء الشعب الفلسطيني ان تختفي الى الأبد، والاجيال الصاعدة في فلسطين والمنافي والشتات اكثر تمسكاً بحق العودة والحرية والاستقلال والثوابت الوطنية من اي جيل سابق، وهي مستعدة للنضال والتضحية، والشعوب مهما بلغت تضحياتها وعذاباتها ومعاناتها لا تتنازل عن حقوقها ابداً، والشعب الفلسطيني هو أكبر مثال على صدق ما نقول.
اما المشهد السياسي الفلسطيني في ظل الانقسام فهو بائس ومؤسف ومحزن ومخجل وعلى القيادات الفلسطينية ان تخجل من هذا المشهد ومن حالة الانقسام الذي شوه النضال الفلسطيني، وأنا أدعو لانهاء هذا الانقسام وإلى المصالحة والعودة إلى وثيقة الأسرى للوفاق الوطني، والعودة للشعب في الوطن والشتات ليقول كلمته في انتخابات حرة ونزيهة للرئاسة وللمجلس التشريعي.
-ألا يخشى مروان البرغوثي من التصفية بعد الخروج خاصة و انه سبق و تعرضت للغدر والايقاع من قبل؟
نحن نؤمن ان الأرواح في يد خالقها وليس في يد الاحتلال، ولم نخش على حياتنا يوماً، وتعرضنا لمحاولات اغتيال مرات عديدة وللاعتقال وللتعذيب وللنفي والابعاد والمطاردة، ونحن نؤمن أن حرية شعبنا ووطننا أكبر وأهم من حياتنا، ونحن لسنا أفضل من الأطفال والشيوخ والنساء والرجال والقادة الذين استشهدوا في سبيل فلسطين حرة عربية.
-ماذا عن مشروع الدولة الفلسطينية في ظل الاستيطان المستمر وهدم البيوت والترحيل؟
لا شك ان الضفة والقدس تتعرض لهجوم استيطاني هو الابشع والاوسع منذ بداية الاحتلال الأمر الذي يهدد مشروع الدولة المستقلة، ولكن لدي ايمان وقناعة ان مصير الاستيطان في الضفة والقدس لن يكون افضل من مصير المستوطنات في قطاع غزة، والتي زالت بفعل الانتفاضة والمقاومة والصمود، ومن يعتقد بامكانية الخروج بنتائج من خلال المفاوضات مع حكومة اليمين المتطرف والعنصري في اسرائيل فهو واهم، لأنه لا يوجد شريك للسلام في اسرائيل، ولا يوجد لديهم ديغول الذي أنهى الاستعمار في الجزائر، ولا دوكليرك الذي أنهى التمييز العنصري في جنوب افريقيا، وإذا لم تقام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وينتهي الاحتلال والاستيطان ويتم الانسحاب لحدود 1967 ويمارس شعبنا حقه في العودة الى دياره ويتم تحرير جميع الاسرى، فان مستقبل اسرائيل ايضاً سيكون في خطر، ولا أمن ولا استقرار ولا سلام بدون دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وسيواصل شعبنا الصمود والمقاومة حتى تحقيق هذا الهدف. والشعب الفلسطيني يبني مؤسسات الدولة الآن ويقيم البنية التحتية لهذه الدولة وعلى العالم ان يدعم الحقوق الفلسطينية ويدعم اقامة الدولة رغماً عن الاحتلال وان يرغم اسرائيل على الانسحاب من الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وان اي جهد دولي او اتفاق او مشروع لا يقود الى انهاء الاحتلال والانسحاب الى حدود 1967 مصيره الفشل.
-كثيرون في الداخل والخارج يعتبرون مروان البرغوثي الأكثر كفاءة لخلافة الزعيم ياسر عرفات، ما رأيكم؟
اشكر لشعبنا وأبناء أمتنا ثقتهم الكبيرة، وأنا اعرف ان الشعوب تقابل الوفاء بالوفاء وأنا فخور بهذا الدعم والمساندة، ولكن ما يشغلني هو كيف يمكن انهاء عذابات شعبنا وانهاء الاحتلال وتحقيق حلمنا في العودة والحرية والاستقلال، ولا يشغلني اي منصب في هذا العالم الا بمقدار ما يخدم الهدف المقدس لشعبنا، وانا منذ اربعة عقود اخترت النضال في صفوف شعبنا وفي صفوف المقاتلين والمناضلين على الأرض.
-لو طلبت رسالة واضحة من مروان البرغوثي الى الشعوب العربية ماذا يمكن ان يقول لها؟
أولاً اتوجه بالتحية والتقدير للشعوب العربية واقول لهم إنني فخور بالانتماء لهذه الأمة رغم كل ما يبدو من هوان، وانا على ثقة دوماً ان فلسطين تسكن عميقاً في قلوب العرب وان مكانها عند العرب مكان القلب في الجسد، وقد عبرت الشعوب العربية عن ذلك في عشرات المناسبات، ونحن نحس ونشعر بنبض الشعوب العربية، ولو كان الأمر في يد هذه الشعوب لما كان الشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال حتى الآن، واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني وعذاباته أحد اسبابها يعود الى حالة العجز والفرقة التي يعيشها النظام العربي الرسمي، ونحن ندعو الدول العربية على المستوى الرسمي الى ضرورة التلاقي والتقارب والتضامن والتكتل على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعلى قاعدة تعزيز الديمقراطية والحريات في العالم العربي، وادعوا الشعوب العربية والحكومات العربية الى ضرورة العمل الان وقبل فوات الاوان لانقاذ القدس ودعم اهالي القدس، والعمل على رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة الصامد في وجه العدوان والحصار، وعلى العرب التوحد في موقف واضح وقوي وصريح لاجبار اسرائيل على الانسحاب من الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة والعرب قادرون اذا رغبوا وارادوا.
وفي النهاية أعاهد شعوبنا العربية على المضي في طريق النضال وعلى مواصلة الصمود والمقاومة حتى ترفرف أعلام فلسطين والعرب على اسوار القدس ومساجد وكنائس القدس، وتعود تحت السيادة العربية الفلسطينية وانني على ثقة اننا على موعد قريب مع الحرية والعودة والاستقلال.
"الوحدة الوطنية في الحالة الفلسطينية بمثابة الماء و الهواء و ليست ترفا "
"على القيادات الفلسطينية ان تخجل من المشهد الذي شوه النضال الفلسطيني"
"من يعتقد انه بامكانه الخروج بنتائج من خلال المفاوضات مع حكومة اليمين المتطرف و العنصري فهو واهم"
تونس اسيا العتروس
قد لا يحتاج مروان البرغوثي لتعريف فهو المناضل والسياسي والاسيرو الباحث والدكتور و لكن هو ايضا الانسان الذي جمع في شخصه كل هذه الالقاب وتمرد على الاحتلال و رفض الرضوخ لاحكامه المهينة وللحرية و السيادة المشروطة بعد ان تجاوزت شهرته حدود فلسطين وحدود السجن الاسرائيلي الذي يقبع فيه منذ سنوات,من خلف الاسوار ارسل الينا المناضل مروان البرغوثي "ابو القسام ه" بردوده على اسئلتنا و ذلك بعد اكثر من تاجيل و بعد اكثر من محاولة لعرقلة هذا الحوار حيث كانت سلطات الاحتلال الاسرائيلي تعمد في كل مرة الى معاقبة السجناء الفلسطينيين بحرمانهم من زيارة ذويهم و محاميهم ومنعهم بالتالي من التواصل مع العالم الخارجي عقابا لهم على اضراباتهم المتكررة واصرارهم على العصيان و الدخول في اضرابات الجوع المتكررة . وفي هذا الحديث الذي خص به مروان البرغوثي قراء "الصباح" ليحمله رسالة مباشرة الى بقية الاسرى الفلسطينيين في السجون و المعتقلات الاسرائيلية ويبعث في نفوسهم الامل و يحثهم على الصبر و الصمود ووحدة الكلمة .و يقول مروان البرغوثي "ان الوحدة الوطنية في الحالة الفلسطينية بمثابة الماء و الهواء و ليست ترفا "كما وصف البرغوثي المشهد الفلسطيني في ظل الانقسام الحاصل بانه بائس و مؤسف و محزن و مخجل وقال "على القيادات الفلسطينية ان تخجل من هذا المشهد الذي شوه النضال الفلسطيني" .و حذر البرغوثي من عدم قيام الدولة الفلسطينية و قال "اذا لم تقام دولة فلسطينية فان مستقبل اسرائيل سيكون في خطر"و عن اقراءات البعض بشان خلافته الزعيم ياسر عرفات قال البرغوثي "لا يشغلني أي منصب في العالم و كل ما اسعى اليه انهاء عذابات شعبنا و انهاء الاحتلال "
كما استخف البرغوثي بالمخاطر التي قد يتعرض لها في حال الافراج عنه و قال "لست افضل من الاطفال و الشيوخ و الرجال و النساء و القادة الذين استشهدوا من اجل فلسطين حرة عربية "و فيما يلي نص هذا الحديث الذي تعرض فيه البرغوثي لظروف انجاز رسالة الدكتوراه في سجنه وحمله رسالة خاصة للشعوب العربية عموما و لشعب تونس خاصة ...
حوار اسيا العتروس
بداية و قبل الرد على الاسئلة أشكر لك اهتمامك، ومن خلالك ومن خلال جريدة الصباح الغراء أبعث بتحياتي الحارة الى تونس الحبيبة والى شعبها الطيب واشكر لتونس وقفتها وتضامنها الدائم مع نضال شعبنا وكفاحه العادل في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
-كيف تمكنتم من انجاز الدكتوراه في السجن وما هي الرسالة التي أردتم ارسالها من خلالها؟
-ان انجاز رسالة دكتوراه في السجن مهمة شاقة وصعبة وتشكل تحدي كبير خاصة انها تتم دون علم او معرفة سلطات الاحتلال في السجن، ولكن ارادة التحدي أقوى من قيود المحتل والاسلاك الشائكة والأسوار العالية وأقوى من ظلمة الزنازين وعتمتها، وقد انهيت درجة البكالوريوس في التاريخ والعلوم السياسية من جامعة بيرزيت، واستغرق ذلك عشر سنوات بسبب اعتقالي اكثر من عشر مرات اثناء الدراسة، بسبب نشاطي المقاوم والمناهض للاحتلال، ورغم كل الصعوبات بما فيها الاعتقال والابعاد والنفي عن الوطن واصلت الدراسة وحصلت على البكالوريوس، ولاحقا حصلت على درجة الماجستير في العلاقات الدولية، وكانت رسالتي حول العلاقات الفرنسية – الفلسطينية، وسجلت للدكتوراه في القاهرة في عام 1999 حيث كنت محاضراً في جامعة القدس، وكنت آنذاك نائباً في المجلس التشريعي الفلسطيني، وكذلك أمين سر لحركة فتح في الضفة الغربية.
كنت وما زلت اعتقد ان من واجب العاملين في الشأن العام وقادة المجتمع والحركات والأحزاب، تطوير قدراتهم وثقافتهم ومستواهم العلمي، لأن البت في مصير وقضايا الشعوب يحتاج الى الكثير من المعرفة والعلم والتأهيل الى جانب الارادة والايمان والاستعداد للتضحية في سبيل القضايا العادلة والتي تعتبر قضية فلسطين أبرزها واهمها في العالم المعاصر، وقد عملت خلال خمس سنوات بصبر على انجاز الدكتوراه، وأدخلت مئات الكتب والمراجع للسجن من خلال الزيارات العائلية وعبر عشرات العائلات والأسرى، كما استفدت من مكتبة السجن التي كونها الاسرى في كل سجن من خلال جهدهم طوال 43 عام من سنوات الاحتلال والاعتقال، وكانت رسالتي اولا تحدي القيود والمحتل الذي لم يتمكن من كسر ارادتنا ولم يتمكن من منعنا من مواصلة التحصيل العلمي وثانياً اني بحثت في موضوع هام وهو دور المجلس التشريعي الفلسطيني واسهامه في العملية الديمقراطية في فلسطين لاهتمامي الكبيرفي بناء نظام ديمقراطي في فلسطين قائم على مبدأ فصل السلطات وسيادة القانون واستقلال القضاء واحترام التعددية السياسية واحترام حقوق الانسان والحريات العامة واحترام حرية الصحافة وفوق كل ذلك احترام الحقوق الكاملة للمرأة في المجتمع.
-أين وصلت صفقة تبادل الأسرى، وما الذي يعطل الأمر؟
توقفت الصفقة بسبب رفض حكومة اسرائيل الموافقة على قائمة تقدمت بها حماس وتضم 450 مناضل محكومين بالسجن المؤبد والاحكام العالية، وحماس مصرة على اطلاق سراح جميع هؤلاء وخاصة ان غالبيتهم من الاسرى القدامى ومنهم من دخل عامه الثالث والثلاثين مثل نائل البرغوثي وفخري البرغوثي، وأكثر من نصفهم قضى اكثر من خمسة عشر عاماً في السجون الاسرائيلية.
-أي دور لحركة فتح مستقبلاً في تحقيق المصالحة واعادة دفع القضية الى المواقع التي تستحق؟
تعرضت حركة فتح خلال السنوات الماضية الى هزات وأزمات شديدة كان ابرزها استشهاد الرئيس القائد ياسر عرفات، وهزيمة فتح في الانتخابات التشريعية، وانهيار السلطة في غزة وسيطرت حماس عليها، اضافة الى حالة الترهل والعجز التي عاشتها قيادة فتح بسبب غياب انعقاد المؤتمر العام للحركة لأكثر من عشرين عاماً، وشكّل انعقاد المؤتمر العام السادس للحركة في اوت 2009 نقطة تحول هامة حيث تم تجديد الهيئات القيادية وانتخبت قيادات شابة ووجوه جديدة كثيرة خاصة في المجلس الثوري الذي يعتبر المرتبة الثانية في سلم القيادة في فتح بعد اللجنة المركزية، ونأمل ان تتمكن القيادة الجديدة من استنهاض حركة فتح واستعادة دور الحركة التاريخي خاصة ان فتح صاحبة الرصاصة الاولى والحجر الاول وهي التي بعثت الشعب الفلسطيني من جديد ومن تحت ركام النكبة، وهي التي جسدت الكيانية الفلسطينية ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية، ووضعت فلسطين على الخارطة السياسية، ثم أقامت اول سلطة وطنية على جزء من أرض فلسطين، ولا زال برنامج فتح الوطني قادر على جمع الشعب الفلسطيني وتجسيد الوحدة الوطنية وانا على ثقة ان حركة فتح جادة ومخلصة للمصالحة الوطنية لأن الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار للشعوب المقهورة ولحركات التحرر الوطني، ولأن الوحدة الوطنية في الحالة الفلسطينية بمثابة الماء والهواء وليست ترفاً. وأملي كبير ان تتم المصالحة الوطنية قريباً لأن الوطن يحتاج للجميع ويتسع للجميع، والمواجهة مع الاحتلال تحتاج لوحدة الصف ولوحدة الشعب ولوحدة الفصائل والقيادة.
وسبق ان قدمنا وثيقة الاسرى للوفاق الوطني التي وقعت عليها ولأول مرة في تاريخ فلسطين جميع الفصائل في 27/6/2006، والحل يكمن في العودة لهذه الوثيقة وفي احترام وتنفيذ ما جاء فيها، وحركة فتح تصر على التمسك بالنهج الديمقراطي وتريد اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية حرة ونزيهة كما جرت سابقاً.
-ماذا لو أصرت اسرائيل على ابعادك عن فلسطين كشرط لاطلاق سراحك ؟ وهل ستقبل ، خاصة ان اصوات كثيرة في اسرائيل تحذر من الافراج عنك؟
-نحن نصر على العودة الى أهلنا وشعبنا وبيتنا ولا يوجد فلسطيني يقبل الابعاد، وقد تم ابعادنا في الانتفاضة الاولى بقرار من وزير الحرب الاسرائيلي آنذاك اسحاق رابين، وطردنا بالقوة، ولكننا واصلنا النضال من المنفى وعدنا الى ارض الوطن في أول مجموعة تعود من المبعدين في افريل1994، ونحن نعلم ان اسرائيل ترفض الافراج عني وعن الكثير من المناضلين ولكن هذا سيتم آجلاً ام عاجلاً لأن ليل الاحتلال الى زوال بإذن الله.
-كيف ينظر مروان البرغوثي الى المشهد الفلسطيني من خلف الأسوار وهل من استراتيجية واضحة بشأن النشاطات المستقبلية؟
الشعب الفلسطيني شعب عظيم وصابر وصامد ويواجه ابشع غزو استعماري واستيطاني في التاريخ المعاصر، وهو شعب يواصل الكفاح الوطني منذ ما يزيد عن مائة عام في ظل اختلال لموازين القوى وفي ظل غياب الحليف الدولي والحليف الاقليمي الفاعل، وتمكن الشعب الفلسطيني من استعادة الامساك بقضيته التي اراد لها اعداء الشعب الفلسطيني ان تختفي الى الأبد، والاجيال الصاعدة في فلسطين والمنافي والشتات اكثر تمسكاً بحق العودة والحرية والاستقلال والثوابت الوطنية من اي جيل سابق، وهي مستعدة للنضال والتضحية، والشعوب مهما بلغت تضحياتها وعذاباتها ومعاناتها لا تتنازل عن حقوقها ابداً، والشعب الفلسطيني هو أكبر مثال على صدق ما نقول.
اما المشهد السياسي الفلسطيني في ظل الانقسام فهو بائس ومؤسف ومحزن ومخجل وعلى القيادات الفلسطينية ان تخجل من هذا المشهد ومن حالة الانقسام الذي شوه النضال الفلسطيني، وأنا أدعو لانهاء هذا الانقسام وإلى المصالحة والعودة إلى وثيقة الأسرى للوفاق الوطني، والعودة للشعب في الوطن والشتات ليقول كلمته في انتخابات حرة ونزيهة للرئاسة وللمجلس التشريعي.
-ألا يخشى مروان البرغوثي من التصفية بعد الخروج خاصة و انه سبق و تعرضت للغدر والايقاع من قبل؟
نحن نؤمن ان الأرواح في يد خالقها وليس في يد الاحتلال، ولم نخش على حياتنا يوماً، وتعرضنا لمحاولات اغتيال مرات عديدة وللاعتقال وللتعذيب وللنفي والابعاد والمطاردة، ونحن نؤمن أن حرية شعبنا ووطننا أكبر وأهم من حياتنا، ونحن لسنا أفضل من الأطفال والشيوخ والنساء والرجال والقادة الذين استشهدوا في سبيل فلسطين حرة عربية.
-ماذا عن مشروع الدولة الفلسطينية في ظل الاستيطان المستمر وهدم البيوت والترحيل؟
لا شك ان الضفة والقدس تتعرض لهجوم استيطاني هو الابشع والاوسع منذ بداية الاحتلال الأمر الذي يهدد مشروع الدولة المستقلة، ولكن لدي ايمان وقناعة ان مصير الاستيطان في الضفة والقدس لن يكون افضل من مصير المستوطنات في قطاع غزة، والتي زالت بفعل الانتفاضة والمقاومة والصمود، ومن يعتقد بامكانية الخروج بنتائج من خلال المفاوضات مع حكومة اليمين المتطرف والعنصري في اسرائيل فهو واهم، لأنه لا يوجد شريك للسلام في اسرائيل، ولا يوجد لديهم ديغول الذي أنهى الاستعمار في الجزائر، ولا دوكليرك الذي أنهى التمييز العنصري في جنوب افريقيا، وإذا لم تقام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وينتهي الاحتلال والاستيطان ويتم الانسحاب لحدود 1967 ويمارس شعبنا حقه في العودة الى دياره ويتم تحرير جميع الاسرى، فان مستقبل اسرائيل ايضاً سيكون في خطر، ولا أمن ولا استقرار ولا سلام بدون دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وسيواصل شعبنا الصمود والمقاومة حتى تحقيق هذا الهدف. والشعب الفلسطيني يبني مؤسسات الدولة الآن ويقيم البنية التحتية لهذه الدولة وعلى العالم ان يدعم الحقوق الفلسطينية ويدعم اقامة الدولة رغماً عن الاحتلال وان يرغم اسرائيل على الانسحاب من الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وان اي جهد دولي او اتفاق او مشروع لا يقود الى انهاء الاحتلال والانسحاب الى حدود 1967 مصيره الفشل.
-كثيرون في الداخل والخارج يعتبرون مروان البرغوثي الأكثر كفاءة لخلافة الزعيم ياسر عرفات، ما رأيكم؟
اشكر لشعبنا وأبناء أمتنا ثقتهم الكبيرة، وأنا اعرف ان الشعوب تقابل الوفاء بالوفاء وأنا فخور بهذا الدعم والمساندة، ولكن ما يشغلني هو كيف يمكن انهاء عذابات شعبنا وانهاء الاحتلال وتحقيق حلمنا في العودة والحرية والاستقلال، ولا يشغلني اي منصب في هذا العالم الا بمقدار ما يخدم الهدف المقدس لشعبنا، وانا منذ اربعة عقود اخترت النضال في صفوف شعبنا وفي صفوف المقاتلين والمناضلين على الأرض.
-لو طلبت رسالة واضحة من مروان البرغوثي الى الشعوب العربية ماذا يمكن ان يقول لها؟
أولاً اتوجه بالتحية والتقدير للشعوب العربية واقول لهم إنني فخور بالانتماء لهذه الأمة رغم كل ما يبدو من هوان، وانا على ثقة دوماً ان فلسطين تسكن عميقاً في قلوب العرب وان مكانها عند العرب مكان القلب في الجسد، وقد عبرت الشعوب العربية عن ذلك في عشرات المناسبات، ونحن نحس ونشعر بنبض الشعوب العربية، ولو كان الأمر في يد هذه الشعوب لما كان الشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال حتى الآن، واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني وعذاباته أحد اسبابها يعود الى حالة العجز والفرقة التي يعيشها النظام العربي الرسمي، ونحن ندعو الدول العربية على المستوى الرسمي الى ضرورة التلاقي والتقارب والتضامن والتكتل على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعلى قاعدة تعزيز الديمقراطية والحريات في العالم العربي، وادعوا الشعوب العربية والحكومات العربية الى ضرورة العمل الان وقبل فوات الاوان لانقاذ القدس ودعم اهالي القدس، والعمل على رفع الحصار الظالم عن قطاع غزة الصامد في وجه العدوان والحصار، وعلى العرب التوحد في موقف واضح وقوي وصريح لاجبار اسرائيل على الانسحاب من الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة والعرب قادرون اذا رغبوا وارادوا.
وفي النهاية أعاهد شعوبنا العربية على المضي في طريق النضال وعلى مواصلة الصمود والمقاومة حتى ترفرف أعلام فلسطين والعرب على اسوار القدس ومساجد وكنائس القدس، وتعود تحت السيادة العربية الفلسطينية وانني على ثقة اننا على موعد قريب مع الحرية والعودة والاستقلال.
فتحاوى اصيل1- عضو جديد
- الساعة :
الجنس :
عدد المساهمات : 22
العمر : 45
المزاج : الكوفية
تاريخ التسجيل : 24/12/2010
التقيم : 0
نقاط : 67
مواضيع مماثلة
» الاسير القائد مروان البرغوثى *ابوالقسام*
» فدوى البرغوثي: الأسير مروان لم يحسم ترشحه لرئاسة السلط
» الاسير ناصر عويس مؤسس كتائب شهداء الاقصى فى الضفة
» شعر الاسير البطل علاء عكوبة
» قراقع يحذر من إضراب شامل للأسرى
» فدوى البرغوثي: الأسير مروان لم يحسم ترشحه لرئاسة السلط
» الاسير ناصر عويس مؤسس كتائب شهداء الاقصى فى الضفة
» شعر الاسير البطل علاء عكوبة
» قراقع يحذر من إضراب شامل للأسرى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى