جمال نزال: إبراهيم حمامي محامي يوسف الشايب. يفتح الله!

طاب لي أن اقرأ دفاعا من المستشار الإعلامي (السري) لحماس إبراهيم حمامي عن الصحافي الفلسطيني يوسف الشايب. ولمن لا يعرف فإن مكتب حماس في دمشق هو الذي ينتدب حمامي للظهور نيابة عنه في المناظرات التلفزيونية. وقد شاركت سبع مرات في برنامج الإتجاه المعاكس وحاورت الحمامي مرتين. وقبل كل حلقة طلبت من إدارة البرنامج أن تدعو من حماس أو الليكود الإسرائيلي من يحمل رتبتي التنظيمية كعضو مجلس ثوري ومتحدث باسم حركتي. وتكرمت إدارة البرنامج بالفعل بأن طلبت كل مرة من مكتب حماس في دمشق من يمثلهم قبالتنا فكانوا يرفضون ابتعاث ممثل رسمي ويقترحون إرسال حمامي نيابة عنهم لأنه يمثل وجة نظرهم. ويقول حمامي عن قصة يوسف الشايب ما يلي:

'يوسف الشايب صحافي فلسطيني شاب كتب تقريرا في صحيفة الغد الأردنية (...) عما يجري في سفارة سلطة رام الله في باريس, ملف صغير من ملفات أكبر وأخطر عن مقار للسلطة في الخارج تسمى سفارات'!

يمكن لمن يقرأ هكذا مقل أن يتوقف عن القراءة بعد هذه الإفتتاحية. فالكاتب لا يعترف بالسلطة الوطنية ويسميها 'سلطة رام الله' ولا يعترف بأن ممثلياتها في الخارج هو سفارات. وفي ذلك تطابق حرفي لرؤية حماس لهذه المسائل. وإلى هنا ينتهي موضوع حمامي في هذا المقال.

وكعادتهم يستعجل كتاب اليسار وبعض الرفضويين إلى تلقف العظام التي تلقي بها حماس. فينزلون بها لعقا وهم يعزفون لحن حماس ويهيمون لدعايتها في كل واد.والمؤسف أن هناك تطابقا مريبا في مواقف بعض الكتاب المحسوبين على اليسار الرفضوي ومواقف حماس رغم أنهم يسوقون أنفسهم كمستقلين! واشد الناس استعداءا للسلطة الوطنية وتصفيقا للإنقلاب هم أصحاب الوصف الزئبقي الكتاب 'المستقلون'!

وتتعرض السلطة الوطنية منذ عقدين تقريبا وبشكل منهجي لدعاية محمومة من قبل الاقلام الضائعة أو المتساوقة مع قوى الظلام الإنقلابية. ولا يوجعنا قول حماس بل يوجعنا أكثر تساوق هؤلاء الذين يأكلون لحم كتفنا تساوقا مع طرحها الظلامي. ولن افهم كيف يدعي لفيف من المحسوبين على التيار الديمقراطي العلماني المستقل حبهم للتعددية وهم يدافون دفاع هاني المصري وخليل شاهين ونشأت الاقطش عن مواقف حماس.وبعد افتضاح هروب حماس من معركة الدفاع عن غزة في مواجهة الحرب الإسرائيلية الأخيرة عليها يقول نشأت الاقطش عبر تلفزيون فلسطين: إن حماس هي التي تدفع الجهاد لإطلاق الصواريخ! اي لا تستعجلوا غسل حماس من فضيلة المقاومة وحتى إن قامت الجهاد الإسلامي بالحرب وحدها ظاهريا فلحماس الفضل في ذلك. ملعوبه!

الجهاز البدبلوماسي في فوهة المدفع

ومن المفارقة أن السياسة الخارجية والجهاز الدبلوماسي الفلسطيني يحظون بنصيب الأسد من هذا الهجوم الظلامي في أوج نجاح الدبلوماسية الفلسطينية وعز دين الإصلاحات الإدارية والمالية والرقابية في عمل السفارات. و بحكم تنقلي بينها أعرف أنه ليس بمستطاع سفير في اي دولة أن يصرف نصف دولار دون أن يثبت ذلك بمذكرة أو تقرير مالي ما. فموازنات السفارت تحسب بالمالاليم. وآليات الصرف معقدة جدا وتحتاج لأكثر من توقيع. وأما الصندوق القومي فهو جهة صرف ورقابة في نفس الوقت. ويمتلك من كفاءات المحاسبين المؤهلين ما يجعلهم قادرين على التدقيق والمحاسبة إلى درجة الحنبلية. فلا يوجد بركة مال ينحض منها الدبلوماسيون كيفما اتفق ولا يوجد شلالات مال هادر لمن أحب أن ينهب كما رسمت عقلية الشايب ومحاميه الحمامي. ويستطيع اي دبلوماسي فلسطيني أن يشهد بوقائع عن دقة المحاسبة المالية في عمل وزارتي المالية الفلسطينية والصندوق القومي فيما يخص عمل السفارات وموازناتها. ويعلم القاصي والداني أن السلك الدبلوماسي خضع في السنوات الماضية لعملية إعادة تأهيل وإصلاح جعلت منه جهازا قابلا للتحرك. وأي شهادة تصلح له أكثر من شهادة نجاحه في إيقاف العالم رأسا على عقب استعدادا لاستحقاق إيلول؟ فلقد جاء التحدي في العام الماضي وفوجئ العالم كله أن لمنظمة التحرير الفلسطينية جهازا دبلوماسيا لديه خطة وهدف وآليات تحرك أوصلت الرسالة التي صفق لها العالم أجمع عندما تلاها الرئيس باسم الشعب العربي الفلسطيني. هذه قصة نجاح في الجهاز الدبلومسي يقف على رأسها الشخص الذي يعتبره حمامي ' مثال أكثر من سيء للسياسي الفلسطيني'. وبحكم اطلاعي على بعض الخفايا أعرف أن فلسطين ستقترب بسرعة أكبر من هدفها لو كان كل سياسييها 'سيئين' بعين الحمامي 'كسوء'الرجل الذي اعترفت بنا ثلاثون دولة وهو وزير خارجيتنا! وليتذكر حمامي كم دولة قطعت معوناتها عنا وناهضتنا العداء عندما كان زعيمه الروحي الزهار وزيرا لخارجية السلطة التي انقلب عليها عسكريا وسياسيا! وأما الدولة التي قطعت عنا معوناتها في عهد المالكي فهي الولايات المتحدة التي تعاقب بذلك الرئيس على سياسته الوطنية المستقلة رغم كل التهديدات.

على الشايب كشف مصادره

وأما ما يقوله الأخ والزميل جهاد حرب عن حق يوسف الشايب في إخفاء مصادره فهو نفسه الذي ينسفه من خلال اقتباسه للفقرة 4 من قانون النشر والمطبوعات لعام 1995. وهي الفقرة التي تتحدث عن حق المحكمة في كشف المصادر إن ارادت: '

- 'حق المطبوعة الصحفية ووكالة الأنباء والمحرر والصحفي في إبقاء مصادر المعلومات أو الأخبار التي يتم الحصول عليها سرية إلا إذا قررت المحكمة غير ذلك أثناء النظر بالدعاوي الجزائية حماية لأمن الدولة أو لمنع الجريمة أو تحقيقاً للعدالة'.

وهذا الحق العام هو حق قانوني وشرعي. والوجهة الشرعية له في أساسين اثنين:

أولا: المادة الرابعة من القانون الاساسي تتحدث عن الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي من مصادر التشريع.

الثاني: قوله تعالى: وإن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.

وبالتالي فإن وجود يوسف الشايب أمام المحكمة أمر قانوني وشرعي واساسه مبدأ ' التبين' أي الإستيضاح الذي تتحدث عنه الآية القرآنية بما لذكرها هنا من مشروعية مؤسسة على كون الشريعة الإسلامية مصدرا من مصادر التشريع وفق القانون الأساسي- مادة 4.

وعليه يعتبر كشف المصدر والتحقق من دوافعه من قبل المحكمة عمل صالح اساسه الحاجة إلى منع أن يصاب قوم بجهالة على يد فاسق أو مدسوس يدافع عنه رجل انتدبته حماس لمقابلتي مرتين بصفته غير الرسمية كمستشار إعلامي لحماس! فيوسف إذن جزء من آلية إعلامية مرتبطة بحماس أو متساوقة معها على موضة ما يسمى بالمستقلين. وهذا مبعث التشكيك في مسعاه الذي جلب الخزي لصحيفته التي تكرمت بالإعتتذار عن العمل غير المهني الذي قام به. فاعتذار صحيفة الغد الأردنية يعتبر سحبا للغطاء المهني لعمله الرقيع ومسعها الوضيع الذي انكشف بافتضاح.